ما شعورك وأنت تستيقظ من نومك لتجد في بيتك أناساً غرباء عنك؟ لا تعرف ملامحهم على الإطلاق، ولا تتذكر أسماءهم، بينما يبدون معرفتهم التامة بك؛ لأنهم ببساطة الفريق المسئول عن خدمتك ورعايتك بعد إصابتك بمرض آلزهايمر الذي يمسح ذاكرتك ببطء، حتى أنك ستكتشف أن هؤلاء الذين لا تعرفهم موجودون معك منذ سنتين؟!!
هكذا ستخطفك الأحداث منذ الوهلة الأولى مع رجل الأعمال "محمود شعيب" (عادل إمام) المصاب بمرض آلزهايمر، وممرضته "منى" (نيللي كريم)، وابنه "سامح" (فتحي عبد الوهاب)، و"كريم" (أحمد رزق)، و"نجلاء" زوجة "كريم" (رانيا يوسف)، لتنزلق –بلا وعي– في تفاصيل هذا المرض الرهيب الذي يفقدك أعزّ ما تملك في الوجود، وأنت تتصور نفسك –ولو للحظات– وقد ابتلاك الله بهذا المرض، أو ابتلى به أحد أفراد عائلتك، ومن هنا كان الدافع القوي للتوحّد مع الأحداث، والانغماس مع كل أفراد الفيلم، وكأنك تبحث عن حلّ لمشكلتك ومأساتك أنت!
لكن ما علاقة كل هذا بذلك العنوان "عادل إمام يتحدّى قلة الأدب"؟.. في الحقيقة لا أدري السبب الحقيقي لاختيار هذا العنوان.. أهو تعبير عن الدهشة من ابتعاد "الزعيم" عن عادته الدؤوبة في ضرب المؤخّرات والصدور بشكل مستفزّ انتشر في كل أفلامه الأخيرة؟ أم دعابة تناسب أولئك البنات اللاتي ظهرن لبضع ثوانٍ في الفيلم، وتقترب ملامحهن إلى حد بعيد مع فتيات قناة "ميلودي" في شعارها الجديد الذي يتحدى قلة الأدب؟
لكن ما أدركه وأعنيه تماماً أن المقصود به إشادة نقد، وجملة مديح، لفنان ظلم موهبته و"سِنّه" بالمزيد من "الهلس" الفني في أفلامه الأخيرة لا سيّما "بوبوس"، بينما يحمل داخله كل هذا الإبداع وسنوات الخبرة المتراكمة في ملامحه ونبرات صوته، حتى إنه ما إن شاء التمثيل "اللي بجد"، وشمَّر ذراعيه واختار الموضوع المناسب لعمره ومكانته، حتى خرج إلينا الزعيم بـ"صبّة" درامية جميلة، و"مونة" فنية غير مغشوشة، في تماسك خرساني مذهل، وكأنه يعيد رأب ذلك الصدع الذي أصاب زعامته، فإذا به "عادل إمام" جديد غير الذي نعرفه وشاهدناه لسنوات طويلة، بشكل أعادني لذلك الـ"عادل إمام" الذي بهرني وافتقدته بشدة منذ أن صفقت له بحرارة -وصفَّق معي الجميع- في "عمارة يعقوبيان"، لذا أقولها بثقة مطلقة.. لو حافظ الزعيم على هذه الجودة التمثيلية، والعناية في التجديد، وحسن الاختيار، فضلاً عن الابتعاد عن عادته المستفزة التي لا تلائم جمهور "اليومين دول"، لظلّ الزعيم زعيماً دون أن يهدد عرشه أحد!
الجميع قام بدوره خير قيام لا سيما أحمد رزق، ورانيا يوسف، وفتحي عبد الوهاب، ونيللي كريم، وكريمة عبد الله -مذيعة قناة "موجة كوميدي"- في مباراة فنية رائعة، تجمع بين الشيء ونقيضه، سواء الضحك والبكاء، البراءة والخبث، لكن يعيبها عدم تماسك الفصل الأخير في الفيلم، والذي كان على السينارست نادر صلاح الدين الاعتناء بتفاصيله أكثر، واختيار أحداث أكثر واقعية وملاءمة لفكرة الفيلم الرائعة، إذ شعرت -وشعر معي العديدون في دار العرض- بميل الجزء الأخير للفانتازيا، وإقحام السفر إلى لبنان لاستعراض جمال الطبيعة هناك، وعمل "رحلة فنية" للأبطال!
بينما تألق المخرج الكبير "الحاج" عمرو عرفة في الرسم بالكاميرا، والكتابة بالجمل البصرية البسيطة السهلة، التي تعطي معاني أعمق وأوضح، وتغني عن معظم الجمل الحوارية على ألسنة الأبطال، إذ اهتمّ بأدق التفاصيل ليتناسب كل كادر وكل "فريم" مع الحدث الذي يدور، فأخرج لنا تكوينات درامية لا نملك حيالها سوى رفع القبعة والتصفيق الحارّ لذلك المعنى الفني الذي انغرس في نفوسنا بسهولة ويسر دون أي تعقيدات.
وساهمت الموسيقى التصويرية للموسيقار الكبير عمر خيرت في تأكيد روعة الإخراج، وإثراء الأحداث بـ"مزيكا" تغرس معاني الفيلم في النفوس والوجدان أكثر وأكثر؛ حتى تتغلغل في الذات بشكل مشبع فنياً، لتزدان اللوحة الدرامية بأبهى صورها، وأفضل تكويناتها.
الفيلم يُعَدّ صفحة جديدة يفتحها الزعيم مع جمهوره الذي اختلف معه كثيراً في الأونة الأخيرة، ودخل معظمه في حالة خصام فني، لذا على الجمهور الناقم على الإسفاف والابتذال إعادة التوجه من جديد لشباك التذاكر لمشاهدة تلك الصفحة الجديدة، ومتابعة هذا العمل "المحترم".
هكذا ستخطفك الأحداث منذ الوهلة الأولى مع رجل الأعمال "محمود شعيب" (عادل إمام) المصاب بمرض آلزهايمر، وممرضته "منى" (نيللي كريم)، وابنه "سامح" (فتحي عبد الوهاب)، و"كريم" (أحمد رزق)، و"نجلاء" زوجة "كريم" (رانيا يوسف)، لتنزلق –بلا وعي– في تفاصيل هذا المرض الرهيب الذي يفقدك أعزّ ما تملك في الوجود، وأنت تتصور نفسك –ولو للحظات– وقد ابتلاك الله بهذا المرض، أو ابتلى به أحد أفراد عائلتك، ومن هنا كان الدافع القوي للتوحّد مع الأحداث، والانغماس مع كل أفراد الفيلم، وكأنك تبحث عن حلّ لمشكلتك ومأساتك أنت!
لكن ما علاقة كل هذا بذلك العنوان "عادل إمام يتحدّى قلة الأدب"؟.. في الحقيقة لا أدري السبب الحقيقي لاختيار هذا العنوان.. أهو تعبير عن الدهشة من ابتعاد "الزعيم" عن عادته الدؤوبة في ضرب المؤخّرات والصدور بشكل مستفزّ انتشر في كل أفلامه الأخيرة؟ أم دعابة تناسب أولئك البنات اللاتي ظهرن لبضع ثوانٍ في الفيلم، وتقترب ملامحهن إلى حد بعيد مع فتيات قناة "ميلودي" في شعارها الجديد الذي يتحدى قلة الأدب؟
لكن ما أدركه وأعنيه تماماً أن المقصود به إشادة نقد، وجملة مديح، لفنان ظلم موهبته و"سِنّه" بالمزيد من "الهلس" الفني في أفلامه الأخيرة لا سيّما "بوبوس"، بينما يحمل داخله كل هذا الإبداع وسنوات الخبرة المتراكمة في ملامحه ونبرات صوته، حتى إنه ما إن شاء التمثيل "اللي بجد"، وشمَّر ذراعيه واختار الموضوع المناسب لعمره ومكانته، حتى خرج إلينا الزعيم بـ"صبّة" درامية جميلة، و"مونة" فنية غير مغشوشة، في تماسك خرساني مذهل، وكأنه يعيد رأب ذلك الصدع الذي أصاب زعامته، فإذا به "عادل إمام" جديد غير الذي نعرفه وشاهدناه لسنوات طويلة، بشكل أعادني لذلك الـ"عادل إمام" الذي بهرني وافتقدته بشدة منذ أن صفقت له بحرارة -وصفَّق معي الجميع- في "عمارة يعقوبيان"، لذا أقولها بثقة مطلقة.. لو حافظ الزعيم على هذه الجودة التمثيلية، والعناية في التجديد، وحسن الاختيار، فضلاً عن الابتعاد عن عادته المستفزة التي لا تلائم جمهور "اليومين دول"، لظلّ الزعيم زعيماً دون أن يهدد عرشه أحد!
الجميع قام بدوره خير قيام لا سيما أحمد رزق، ورانيا يوسف، وفتحي عبد الوهاب، ونيللي كريم، وكريمة عبد الله -مذيعة قناة "موجة كوميدي"- في مباراة فنية رائعة، تجمع بين الشيء ونقيضه، سواء الضحك والبكاء، البراءة والخبث، لكن يعيبها عدم تماسك الفصل الأخير في الفيلم، والذي كان على السينارست نادر صلاح الدين الاعتناء بتفاصيله أكثر، واختيار أحداث أكثر واقعية وملاءمة لفكرة الفيلم الرائعة، إذ شعرت -وشعر معي العديدون في دار العرض- بميل الجزء الأخير للفانتازيا، وإقحام السفر إلى لبنان لاستعراض جمال الطبيعة هناك، وعمل "رحلة فنية" للأبطال!
بينما تألق المخرج الكبير "الحاج" عمرو عرفة في الرسم بالكاميرا، والكتابة بالجمل البصرية البسيطة السهلة، التي تعطي معاني أعمق وأوضح، وتغني عن معظم الجمل الحوارية على ألسنة الأبطال، إذ اهتمّ بأدق التفاصيل ليتناسب كل كادر وكل "فريم" مع الحدث الذي يدور، فأخرج لنا تكوينات درامية لا نملك حيالها سوى رفع القبعة والتصفيق الحارّ لذلك المعنى الفني الذي انغرس في نفوسنا بسهولة ويسر دون أي تعقيدات.
وساهمت الموسيقى التصويرية للموسيقار الكبير عمر خيرت في تأكيد روعة الإخراج، وإثراء الأحداث بـ"مزيكا" تغرس معاني الفيلم في النفوس والوجدان أكثر وأكثر؛ حتى تتغلغل في الذات بشكل مشبع فنياً، لتزدان اللوحة الدرامية بأبهى صورها، وأفضل تكويناتها.
الفيلم يُعَدّ صفحة جديدة يفتحها الزعيم مع جمهوره الذي اختلف معه كثيراً في الأونة الأخيرة، ودخل معظمه في حالة خصام فني، لذا على الجمهور الناقم على الإسفاف والابتذال إعادة التوجه من جديد لشباك التذاكر لمشاهدة تلك الصفحة الجديدة، ومتابعة هذا العمل "المحترم".