«زهايمر» يعيد عادل امام الى السينما الجادة
الدستور (الاردنية)- 23 نوفمبر 2010 ـ طلعت شناعة
أعاد فيلم "زهايمر" الذي يعرض حاليا في دور السينما الاردنية والعربية في توقيت واحد الفنان عادل امام الى التمثيل بعد ان اعتمد في افلامه العشرة الاخيرة على نجوميته وعلى انه "الزعيم" الاوحد للكوميديا في مصر والعالم العربي وهو ما افقده حُسن اختياره لادواره وبالتالي جعله ينأى بقدراته عن دائرة الاداء الجيد التي جعلته يتربع على عرش النجومية.
"زهايمر" رؤية سينمائية كتبها نادر صلاح الدين واخرجها عمرو عرفة ومن العنوان ندرك انه يتناول معاناة بطل الفيلم عادل امام حيث نجده يعيش مع ذاكرته الضائعة او"المغيّبة" بعد انه تآمر عليه ولداه (يقوم بدوريهما الفنان فتحي عبد الوهاب والفنان احمد رزق) بهدف الحصول على امواله اي وراثته ـ حيا ـ.
ومن خلال الاحداث تتعمق معاناتنا كمشاهدين بفعل الصدق الذي يورطنا به الفنان عادل امام وهو ما افتقدناه منذ زمن طويل. وبخاصة وان الفيلم يتناول مرض العصر "النسيان" او فقد الذاكرة. لكن الفنان عادل امام يعيش الدور ويتعاطف مع "مريض" الزهايمر كما لو كان بالفعل مصابا به. وقد لعبت الموسيقى واللقطات الاولى في مستهل الفيلم دورا في تعميق المعاناة لدى البطل الذي يبلغ من العمر سبعين عاما ولا يهتم بمظهره ويرفض تناول الدواء من يد الحسناء (تقوم بالدور الفنانة نيللي كريم). وتزداد معاناته حين يلتقي بأفراد الفيلا التي يسكنها ونفهم من ذلك انه ميسور الحال والا لما طمع به ابناه ومعهما زوجة ابنه الاصغر ( الفنانة رانيا يوسف)
و(احمد رزق) وكلاهما متسلطان بينما الابن الاكبر (فتحي عبد الوهاب) رجل شرير ويتآمر مع شقيقه على والده بمساندة صديق الاب (الفنان احمد راتب).
كما نجد (حارس الفيلا ـ الفنان ضياء المرغني) والبودي غارد الذي كلما فكر عادل امام بالخروج من بيته اعاده الى سريره رغم انفه.
كلهم يمارسون التسلط على الاب. وكلهم يمارسون الخيانة بسبب المال والطمع بالثروة ، ويستغلون"الزهايمر"لتحقيق مصالحهم والوصول الى اهدافهم.
واذا كنا ننتقد الفنان عادل امام على سوء اختياراته في مجموعة أفلامه الاخيرة ، فاننا نشيد به في هذا الفيلم الذي نال اعجابا يفوق ما تخيله الزعيم. رغم ان الفيلم لا يعتمد على الكوميديا ولكنه جاد. والجدية لا تعني جفاف الاداء. وتكفي نظرات عادل امام وتعبيرات وجهه ودموعه التي تجلت اكثر من مرة في احداث الفيلم ومن ابرزها حين يزور صديق عمره (الفنان سعيد صالح) في دار المسنين ويتخيل نفسه مكانه وهو يبول على نفسه بعد ان فقد السيطرة على وظائف جسمه. انه قصيدة سينمائية ولوحة انسانية غاية في الصدق ابدع فيها المخرج عمرو عرفة والكاتب نادر صلاح الدين.
غياب عن الوعي
المخرج "عمرو عرفة" يقدم ذلك في ثلاثة أيام غاب فيها "عادل امام" عن الوعي تماماً بفعل مخدر قوي ، ثم يصحو لا يعرف شيئا ، وكان على السيناريست أن يفكر كثيراً قبل اللجوء إلى تلك الحيلة ، ولكن الكاتب لا يجهد نفسه ، إنه يختار الحل الدرامي مهما كانت المحاذير طالما أنه يدعم فكرته.
شيء من البرودة في المكان تستطيع أن تستشعره من خلال الرؤية الإخراجية لعمرو عرفة مع إضاءة "محسن أحمد" وديكور "صلاح مرعي" التي تتوافق مع المعنى الدرامي الذي يريد توصيله.
حالة من الضبابية في المشاعر بين الممرضة "نيللي كريم" و"عادل إمام" تشعر أن الشاشة بالفعل تعبًّر عنه ، وذلك قبل أن نكتشف أن الكل يلعب بنفس المفردات من أجل خداع عادل إمام ، تؤدي دور خادمة المنزل "إيمان السيد" التي تواصل اللعبة بعد أن تلتقط الكرة من "نيللي كريم" لتكمل تمثيلية الخداع.. حتى حارس المنزل "ضياء الميرغني" وماسح الأحذية والجنايني.. الكل يشارك في هذه المسرحية.
مشهد مؤثر
ويبقى مشهد أظنه لا يُنسى في تاريخ الدراما السينمائية هو الذي جمع بين "عادل إمام" و"سعيد صالح" في بيت المسنين ، عندما ذهب "عادل" إلى صديقه القديم "سعيد صالح" بحضور كبيرة الممرضات "إسعاد يونس" ، وهو مشهد يحسب للفنان "سعيد صالح" المقل في افلامه لكن يعود احيانا بمشاهد مؤثرة ويتعاطف معه الجمهور من خلالها.بعد هذا المشهد نرى المخرج "عمرو عرفة" وهو يقدم لنا "عادل إمام" داخل منزله والكاميرا تتطلع إليه من أعلى ، وكأنه دون جملة حوار واحدة ينتظر نفس مصير صديق الزمن الجميل.. لا تشعر بأن هناك شخصيات درامية أخرى بجوار "عادل" ، حيث إن هناك خفوتا في الحضور اللقطات الأولى داخل الفيلا في الفيلم نفذها "عمرو عرفة" بطريقة أقرب إلى روح المسرح.
الحبكة الدرامية تظل تشكل مأزقا للفيلم ، إنسان في السبعين من عمره - كما يقدمه الفيلم - يأخذ جرعة مخدر تجعله ينام ثلاثة أيام ، من المؤكد رغم الخطورة والمجازفة عندما يصحو سوف يكتشف أنه قد فعل لا شعورياً مثل البشر وتبول وتبرز ، ثم إنها مخاطرة جنائية لمن يقدم عليها لأنها تحمل خطورة التهديد بالموت ، ولا يمكن أن يختار الكاتب أي حل درامي لمجرد أن هذا هو الأسهل.
سيناريو
لم يبق في الذاكرة من الممثلين بجوار "عادل امام" احد: لأن الحقيقة أن السيناريو قدم فقط عددا من الأدوار ذات البُعد الواحد ، هذا ولد شرير بالسليقة يؤدي دوره "فتحي عبد الوهاب" ، وذاك ولد ضعيف الشخصية بالسليقة أحمد رزق" ، وتلك زوجة متسلطة "رانيا يوسف" تكفي نظرة منها لكي ترتعد فرائص "رزق".
صورة الأم الراحلة تطل علينا على جدار المنزل ، ولا ندري متى رحلت وما هي علاقتها بالزوج وعلاقتها بالأبناء ، وما سر هذا الجفاء بين الأب وأبنائه.. جذوره وأسبابه ، لا شيء من هذه المعلومات يقدمها لنا السيناريو ، ثم الممرضة الفقيرة الطيبة "نيللي كريم" كيف يعتبرها طيبة وهي تشارك في هذه الكذبة الكبرى..
ويبقى الفيلم مغامرة ناجحة للفنان عادل امام في مجال العودة الى الابداع بعد ان اقتنع برؤية الكاتب واستسلم للمخرج الذي حرّكه مستفيدا من خبرة السنين وقدما معا لوحة انسانية غارقة في الشجن الجميل.
*****************************************
جميع ما ورد بالمقال يعبر عن رأى كاتب المقال وليس عن رأيى الشخصى واختلف مع كاتب المقال فى بعض ما جاء به لان الفنان الكبير عادل امام جميع اختياراته الاخيرة رائعة جدا وقام بتغيير جلدة تماما واختيار ادوار مختلفة ومتنوعه ولاقت قبول جماهيرى عريض ولا ننسى تجربته الرائدة فى عمارة يعقوبيان وغيرها ويكفى اشادة سيدة الشاشة بجميع اعماله الاخيرة مثل السفارة فى العمارة ويعقوبيان
الدستور (الاردنية)- 23 نوفمبر 2010 ـ طلعت شناعة
أعاد فيلم "زهايمر" الذي يعرض حاليا في دور السينما الاردنية والعربية في توقيت واحد الفنان عادل امام الى التمثيل بعد ان اعتمد في افلامه العشرة الاخيرة على نجوميته وعلى انه "الزعيم" الاوحد للكوميديا في مصر والعالم العربي وهو ما افقده حُسن اختياره لادواره وبالتالي جعله ينأى بقدراته عن دائرة الاداء الجيد التي جعلته يتربع على عرش النجومية.
"زهايمر" رؤية سينمائية كتبها نادر صلاح الدين واخرجها عمرو عرفة ومن العنوان ندرك انه يتناول معاناة بطل الفيلم عادل امام حيث نجده يعيش مع ذاكرته الضائعة او"المغيّبة" بعد انه تآمر عليه ولداه (يقوم بدوريهما الفنان فتحي عبد الوهاب والفنان احمد رزق) بهدف الحصول على امواله اي وراثته ـ حيا ـ.
ومن خلال الاحداث تتعمق معاناتنا كمشاهدين بفعل الصدق الذي يورطنا به الفنان عادل امام وهو ما افتقدناه منذ زمن طويل. وبخاصة وان الفيلم يتناول مرض العصر "النسيان" او فقد الذاكرة. لكن الفنان عادل امام يعيش الدور ويتعاطف مع "مريض" الزهايمر كما لو كان بالفعل مصابا به. وقد لعبت الموسيقى واللقطات الاولى في مستهل الفيلم دورا في تعميق المعاناة لدى البطل الذي يبلغ من العمر سبعين عاما ولا يهتم بمظهره ويرفض تناول الدواء من يد الحسناء (تقوم بالدور الفنانة نيللي كريم). وتزداد معاناته حين يلتقي بأفراد الفيلا التي يسكنها ونفهم من ذلك انه ميسور الحال والا لما طمع به ابناه ومعهما زوجة ابنه الاصغر ( الفنانة رانيا يوسف)
و(احمد رزق) وكلاهما متسلطان بينما الابن الاكبر (فتحي عبد الوهاب) رجل شرير ويتآمر مع شقيقه على والده بمساندة صديق الاب (الفنان احمد راتب).
كما نجد (حارس الفيلا ـ الفنان ضياء المرغني) والبودي غارد الذي كلما فكر عادل امام بالخروج من بيته اعاده الى سريره رغم انفه.
كلهم يمارسون التسلط على الاب. وكلهم يمارسون الخيانة بسبب المال والطمع بالثروة ، ويستغلون"الزهايمر"لتحقيق مصالحهم والوصول الى اهدافهم.
واذا كنا ننتقد الفنان عادل امام على سوء اختياراته في مجموعة أفلامه الاخيرة ، فاننا نشيد به في هذا الفيلم الذي نال اعجابا يفوق ما تخيله الزعيم. رغم ان الفيلم لا يعتمد على الكوميديا ولكنه جاد. والجدية لا تعني جفاف الاداء. وتكفي نظرات عادل امام وتعبيرات وجهه ودموعه التي تجلت اكثر من مرة في احداث الفيلم ومن ابرزها حين يزور صديق عمره (الفنان سعيد صالح) في دار المسنين ويتخيل نفسه مكانه وهو يبول على نفسه بعد ان فقد السيطرة على وظائف جسمه. انه قصيدة سينمائية ولوحة انسانية غاية في الصدق ابدع فيها المخرج عمرو عرفة والكاتب نادر صلاح الدين.
غياب عن الوعي
المخرج "عمرو عرفة" يقدم ذلك في ثلاثة أيام غاب فيها "عادل امام" عن الوعي تماماً بفعل مخدر قوي ، ثم يصحو لا يعرف شيئا ، وكان على السيناريست أن يفكر كثيراً قبل اللجوء إلى تلك الحيلة ، ولكن الكاتب لا يجهد نفسه ، إنه يختار الحل الدرامي مهما كانت المحاذير طالما أنه يدعم فكرته.
شيء من البرودة في المكان تستطيع أن تستشعره من خلال الرؤية الإخراجية لعمرو عرفة مع إضاءة "محسن أحمد" وديكور "صلاح مرعي" التي تتوافق مع المعنى الدرامي الذي يريد توصيله.
حالة من الضبابية في المشاعر بين الممرضة "نيللي كريم" و"عادل إمام" تشعر أن الشاشة بالفعل تعبًّر عنه ، وذلك قبل أن نكتشف أن الكل يلعب بنفس المفردات من أجل خداع عادل إمام ، تؤدي دور خادمة المنزل "إيمان السيد" التي تواصل اللعبة بعد أن تلتقط الكرة من "نيللي كريم" لتكمل تمثيلية الخداع.. حتى حارس المنزل "ضياء الميرغني" وماسح الأحذية والجنايني.. الكل يشارك في هذه المسرحية.
مشهد مؤثر
ويبقى مشهد أظنه لا يُنسى في تاريخ الدراما السينمائية هو الذي جمع بين "عادل إمام" و"سعيد صالح" في بيت المسنين ، عندما ذهب "عادل" إلى صديقه القديم "سعيد صالح" بحضور كبيرة الممرضات "إسعاد يونس" ، وهو مشهد يحسب للفنان "سعيد صالح" المقل في افلامه لكن يعود احيانا بمشاهد مؤثرة ويتعاطف معه الجمهور من خلالها.بعد هذا المشهد نرى المخرج "عمرو عرفة" وهو يقدم لنا "عادل إمام" داخل منزله والكاميرا تتطلع إليه من أعلى ، وكأنه دون جملة حوار واحدة ينتظر نفس مصير صديق الزمن الجميل.. لا تشعر بأن هناك شخصيات درامية أخرى بجوار "عادل" ، حيث إن هناك خفوتا في الحضور اللقطات الأولى داخل الفيلا في الفيلم نفذها "عمرو عرفة" بطريقة أقرب إلى روح المسرح.
الحبكة الدرامية تظل تشكل مأزقا للفيلم ، إنسان في السبعين من عمره - كما يقدمه الفيلم - يأخذ جرعة مخدر تجعله ينام ثلاثة أيام ، من المؤكد رغم الخطورة والمجازفة عندما يصحو سوف يكتشف أنه قد فعل لا شعورياً مثل البشر وتبول وتبرز ، ثم إنها مخاطرة جنائية لمن يقدم عليها لأنها تحمل خطورة التهديد بالموت ، ولا يمكن أن يختار الكاتب أي حل درامي لمجرد أن هذا هو الأسهل.
سيناريو
لم يبق في الذاكرة من الممثلين بجوار "عادل امام" احد: لأن الحقيقة أن السيناريو قدم فقط عددا من الأدوار ذات البُعد الواحد ، هذا ولد شرير بالسليقة يؤدي دوره "فتحي عبد الوهاب" ، وذاك ولد ضعيف الشخصية بالسليقة أحمد رزق" ، وتلك زوجة متسلطة "رانيا يوسف" تكفي نظرة منها لكي ترتعد فرائص "رزق".
صورة الأم الراحلة تطل علينا على جدار المنزل ، ولا ندري متى رحلت وما هي علاقتها بالزوج وعلاقتها بالأبناء ، وما سر هذا الجفاء بين الأب وأبنائه.. جذوره وأسبابه ، لا شيء من هذه المعلومات يقدمها لنا السيناريو ، ثم الممرضة الفقيرة الطيبة "نيللي كريم" كيف يعتبرها طيبة وهي تشارك في هذه الكذبة الكبرى..
ويبقى الفيلم مغامرة ناجحة للفنان عادل امام في مجال العودة الى الابداع بعد ان اقتنع برؤية الكاتب واستسلم للمخرج الذي حرّكه مستفيدا من خبرة السنين وقدما معا لوحة انسانية غارقة في الشجن الجميل.
*****************************************
جميع ما ورد بالمقال يعبر عن رأى كاتب المقال وليس عن رأيى الشخصى واختلف مع كاتب المقال فى بعض ما جاء به لان الفنان الكبير عادل امام جميع اختياراته الاخيرة رائعة جدا وقام بتغيير جلدة تماما واختيار ادوار مختلفة ومتنوعه ولاقت قبول جماهيرى عريض ولا ننسى تجربته الرائدة فى عمارة يعقوبيان وغيرها ويكفى اشادة سيدة الشاشة بجميع اعماله الاخيرة مثل السفارة فى العمارة ويعقوبيان