في يوم من الأيام...
استيقظت باكرا كعادتي لأتوجه الى مدرستي.... و بينما أنا أتناول افطاري رأيت والدتي مندمجة تشاهد التلفاز.....أثارني فضول رهيب لمعرفة ما الذي تشاهده و توجهت اليها بالسؤال لتوضحلي أنه فيلم "لا تسألني من أنا" لعملاقة الشاشة شادية و لفنانة لم أكن أعرف عنها شيئا بعد.....
جلست بجوار أمي بضع دقائق و أنا مندهشة من آداء النجمتين ثم انصرفت بعدها الى مدرستي....
مرت أسابيع قليلة لأشاهد بعدها أمي تتصفح احدى المجلات العربية.... و بالصدفة لمحت صورة بطلة فيلم لا تسأني من أنا.....راودني احساس غريب و كأني كنت أعلم أنها ستكون سببا في عشقي للفن و أنها ستمتلك قلبي و قلوب جماهير عريضة...
جلست بجوار أمي مرة ثانية و أنا انتظر بشغف أن تنتهي من قراءة المجلة كي أنفرد بها و أقرأ كل ما كتب عن هذه النجمة التي كانت آنذاك مجهولة الهوية بالنسبة لي...
قرأت و قرأت و قرأت لأعرف أن اسمها يسرا.....فنانة جميلة...مصرية
مرت أيام و سنين و أنا أشاهد الكثير من أعمالها...بدأت رحلتي بمشاهدة مسلسها الشهير أين قلبي...المسلسل الذي أكد لي أنها ليست فنانة فحسب بل هي كتلة حنان تتدفق لتغذي كل من حولها......مشاعر حقيقية جسدتها أم ليست بأم.....جسدتها امرأة تجمع بين حب و دفئ و عطف و حنان الأم رغم أنها حرمت أن تكون أما......
شاهدت جميع حلقات المسلسل ليخترق قلبي شعور جميل تمثل في عشقي لتلك الفنانة.... و راهنت نفسي أن حبي لها سيستمر و أن الأيام ستسفر لي عن ما لم أكن أعرفه عنها.
انتظرت شهور عدة و كأني كنت أعلم أن ملك روحي لن تغيب عني كثيرا..... و اكتملت فرحتي عند مشاهدتي اعلان مسلسل ملك روحي
لا أبالغ حين أقول أن يسرا امتلكت روحي بعده و ما يزال المسلسل يعتبر حالة استثنائية بالنسبة لي....كانت تحملني يسرا كل يوم لمدة ساعة كاملة لتضعني في عالم بعيد.....عالم تطغى عليه معالم الحب و الوفاء .....عالم غريب يحمل بين طياته الاحترام و التسامح و الاستقامة
انتهت حلقات المسلسل و لم ينتهي عشقي ليسرا ليتشبت قلبي بها أكثر و أكثر و أصبح كالرضيع الذي يرى العالم في والدته....نعم فكنت أرى في أدوار يسرا القدوة التي يمكنني اتباعها بعد والدي ووالدتي.....
أصبحت يسرا جزءا لا يتجزء من حياتي و تحولت مشاعري تجاهها من عشق لفنانة الى محاولة للتعلق بشخصية انسانة.....
لا أنكر أن القدر ساعدني في ذلك و لم أكن ألتفت حولي حتى أرى أحد من المقربين منها يحكي لي عن ما لا يعرفه الكثيرون عنها
بدأت في ذلك الوقت ترتسم في قلبي ملامح شخصية يسرا......و علمت انها فنانة بدرجة انسانة...و انسانة بدرجة ملاك
توالت السنوات و ازدادت نجمتي نضجا و ازداد قلبا عشقا..... الى أن علمت أن بعد ان ملكت يسرا روحي....اصبح قلبي معها في ايد امينة و أصبح حبي لها علاقة خاصة جدا !
تجاوزت مرحلة الاعجاب و الحب لتصبح يسرا بعدها حلم جميل يؤنس ليالي و وجه ملائكي بريئ لا يفارقني اين ما ذهبت....تجاوز عشقي لها مرحلة الحب لمجرد الحب لأعلم أن من واجبي نحوها أن انتقدها وقت اللزوم و أن أفرح لفرحها و أحزن لحزنها......
و كما قلت سابقا....فالقدر جاء لصالحي و كانت تجمعني صداقات بالكثير من أصدقاءها أو أصدقاء أصدقاءها.....أكد لي الكثيرون أن عشقي لها لم يأتي من فراغ....و أن الجزء الخفي من شخصية يسرا كفيل بأن يجعل كل من كرهها يحبها....و كل من أحبها يعشقها....و كل من عشقها يدافع عنها
نعم فيسرا انسانة بدرجة ملاك.....كتاب مفتوح يسهل للجميع تصفح ورقاته....شعاع مضيئ يعطيك الأمل في الحياة.....نقاء و طيبة تثبتان لك أن الدنيا لازالت بخير.... و ضحكة بريئة تغنيك عن العالم بما فيه
يسرا كتاب اسمه الحب ....غلافه الاحترام.....أول عناوينه الصدق و النقاء.....أول فقراته التواضع و آخر سطر فيه الجمال
لكن الى وقتنا الراهن..... لم أجد بعد سبب تعلقي بها......أقول لنفسي ربما لأنها النجمة المصرية الوحيدة التي ألمس فيها نوعا من الاختلاف.....الفنانة الوحيدة التي تبهرني ثقافتها و التي أعلم أن متابعتي لها لن تكون اهدارا للوقت بقدر ما ستكون فرصة للتعلم....
عملتني يسرا أن أحب بلدي....علمتني أن أجري وراء كل كلمة قد تغني ثقافتي....أن أحب ما أعمل وأتفانى فيه.......لكن الأهم أن يسرا كانت سببا من أسباب تدعيم أخلاقياتي....فقد علمتني أن الانسان يعيش بحب الناس و تزداد قيمته باحترامهم.....و لن تنقص ابدا بالعفو عنهم و مسامحتهم...
علمتني يسرا الصبر.....علمتني التوكل على ربي في اي شيئ عجزت يداي عن تحقيقه و في اي ظلم تعرضت له....علمتني أن الصبر هو أقوى سلاح و أن الايمان بالله هو اجمل دواء...
علمتني يسرا أن أحب من يحبني و أجد العذر لمن يكرهني......علمتني التواضع في الوقت الذي لن يلومني فيه أحد ان تعاليت و علمتني الصفح في الوقت الذي بامكاني استرجاع حقي فيه
علمتني يسرا أن أحب غيري قبل أن أحب نفسي....علمتني أن أصلح قلبي و لساني قبل أن أصلح مظهري....علمتني أن أتكتم عن علاقتي بربي و أن أدع الخلق للخالق و أبرئ ذمتي من محاسبة البشر
علمتني يسرا ان جمال الروح هو الجمال الذي يدوم.....و أن حب الله هو الذي يذيب الهموم.........علمتني يسرا أن أحبها حتى الجنون...