لست ناقدة سينمائية حتى أكتب عن فيلم معين بشكل علمى أو بناء كما يدعى أهل الفن دائما، ولكنى عندما قررت أن أكتب عن فيلم "إكس لارج" كان ذلك بدافع توجيه رسالة وتحية للنجم والفنان الكبير جدا أحمد حلمى.
نعم، هو فنان كبير، ليس فقط لعبقريته فى إختيار أدواره والمضمون الجديد الذى يفاجئنا به فى كل فيلم جديد له سواء على مستوى الفكرة التى يطرحها أو الأداء نفسه ولكن لقدرته المستمرة على تطوير نفسه والتى لا أظن أنها تأتى من فراغ، وإنما من كونه فنان يعرف كيف يحترم موهبته وجمهوره الذى وثق فيه وتعامل مع اسمه على أفيش أى فيلم بمثابة علامة جودة لعمل متميز، والشهادة لله أنه لم يخذل هذا الجمهور أبدا.
هذا هو بالضبط ما شعرت به أمس أثناء رحلة بحث مضنية عن مكان فى أى دار عرض بها فيلم "إكس لارج" بالرغم من أنه موجود فى كل دور العرض تقريبا إلا أن كل الحفلات محجوزة بالكامل حتى حفلة منتصف الليل، فضلا عن حفلة أخرى إضافية، المهم أننى بمعجزة استطعت أن أجد مكانين وبرغم أننى توقعت أنني سأشاهد فيلما جيدا إلا أننى لم أتوقع تلك الحالة التى رأيتها فى الفيلم ولمستها فى إحساس الناس به حتى الأطفال الذين كانوا يبكون قبل العرض، وشباب مرحلة المراهقة الذين كانوا يلقون النكات على بعض ويفتعلون بعض الدوشة فرحة بكونهم يدخلون السينما بدون أهاليهم أصيبوا جميعا بحالة من الصمت العجيب من أول مشهد فى الفيلم ولمدة ثلاث ساعات ونصف هى تقريبا مدة العرض قد يتصور البعض أنها مدة طويلة لكنها ليست كذلك على من يجلس أمام هذا العبقرى ويستمتع بأداء كل فنان فيه حتى لو ظهر لمشهد واحد، خاصة أنك طوال الفيلم لست على موعد مع أحمد حلمى النجم الذى اعتدت أن تجرى دائما وراء أفلامه إنما ستجد نفسك متوحد مع مجدى مكاوى رسام الكاريكاتير الذى لا يشبه حلمى من قريب أو من بعيد لدرجة أنك لو لم تكن على يقين أنك قطعت تذكرة فى فيلم حلمى لسألت كل من حولك من هذا الرجل، لذلك فأن الماكياج يعد البطل الأول فى هذا العمل ولا أعرف إن كان السبب هو كونه فريق أجنبى وتحديدا أمريكى هو الذى قام بعمل ماكياج متقن إلى هذه الدرجة أم أنه توفيق الله عز وجل لفنان يسعى دائما لأن يقدم شيئا حقيقا لجمهوره.
أما فكرة الفيلم برغم بساطتها وعذوبتها أيضا إن كنت لا أذكر إن كنا شاهدناها فى عملا فنيا سابقا أم لا؟، لأننا حتى لو كنا شاهدناها فبالتأكيد هذا الفيلم قادرا على أن يجعلنا ننسى أو نتناسى كل ما سبق ورأيناه، فهى ببساطة تتعرض ليوميات شاب يعانى من السمنة المفرطة ولكنه متصالح تماما مع تلك المعاناه ولا توجد له أمنية فى الدنيا سوى أن يقابل إنسانه تحبه لشخصه وليس لشكله، خاصة أن شخصيته جعلت منه محور إهتمام كل أصدقائه الذين كانوا يحبونه كما هو بكل تفاصيله ولم يكن هناك من يطلب منه أن يغير شيئا فى حياته سوى "خاله" الشخص الوحيد المتبقى من أسرته والذى كان يعانى أيضا من السمنة حتى ضاع عمره بسببها تلك الشخصية التى قدمها ببراعة وإتقان وعذوبة يحسد عليها الفنان إبراهيم نصر والذى ستشعر أيضا أنك تراه لأول مرة، أما باقى نجوم العمل فلا يتخير واحد منهم عن الآخر و لا أعرف إن كان الفضل يرجع للنص الذى كتبه المتألق دائما أيمن بهجت قمر أم لإخراج شريف عرفة الذى لا توجد كلمات توفيه حقه عن هذه الساعات الممتعة التى مرت كلحظات، أما موسيقى هشام نزيه بدت كأحد أهم أبطال الفيلم لدرجة أنك ستشعر وكأنها لوحة فنية تعبر عن كل مشهد فيه خاصة فى مشهد وفاة خال البطل والمشهد الذى عرض فيه البطل على البطلة الزواج بطريقة قد لا نراها سوى فى الأحلام فقط هذا إن وجدت.
أعلم مقدما أن الكثيرون من أعداء النجاح سيطلون علينا قريبا مدعين أن الفيلم مأخوذا من فيلم أجنبى أو ما شابه ذلك ولكنى أقول لهم حتى وإن كان كذلك فلا يهم إنما المهم هو تلك التوليفة الإنسانية العظيمة فى الأداء والإخراج والموسيقى التى قلما تجود السينما بها، وأيضا فى هذا النجم الجميل الذى يعرف كيف يتعلم من أخطاءه، ويجدد نفسه دائما بالشكل الذى جعل من "إكس لارج" مقاس دماغه وأفكاره، وليس وزنه كما بدى فى الفيلم.
أرجو أن أكون قد وفقت فى وصف تلك الحالة التى شعرت بها ولمستها على وجه الناس لحظة خروجهم من دار العرض وهم فى حالة انبهار وسكون وصمت غريب مما شاهدوه وكأنهم توا استمعوا لواحدة من أجمل السيمفونيات الموسيقية لموتسارت و لا شوبان أو حتى حفلة لأم كلثوم فى أغنية من تأليف عبد الوهاب محمد ولا مرسى جميل عزيز وألحان محمد عبد الوهاب، فقد استطاع أحمد حلمى بتلقائيته المفرطة أن يعيد لنا هذا الإحساس العذب المستوحى من هذا الزمن الجميل