سيدة الشاشة العربية تواصل حوارها: لـ«المصري اليوم» :
(الجزء الثانى)
فاتن حمامة: تصالحت مع نفسى منذ ١٠ سنوات
حوار مجدى الجلاد ، محمود الكردوسى ٢٩/ ٥/ ٢٠١٠
فاتن حمامة أثناء حوارها مع «المصرى اليوم» فى حضور نقيب الممثلين د. أشرف زكى
تعيش سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة حياة هادئة.. «تصالحت مع نفسى منذ عدة سنوات».. هكذا تقول.. «لم يعد يغضبنى شىء سوى ساعات قليلة.. ثم أنام لأصحو بلا شائبة أو مشاعر سلبية ضد أحد».. حالة من النقاء والبراءة وحب كل الناس.. أحلامها ليست لها أو لمن حولها فحسب، وإنما للبشرية كلها «رسالتى طوال حياتى أن يسود الحب بين الناس.. أفلامى ومسيرتى الفنية تدافع عن قيم وأخلاق ومبادئ تضيع فى الزحام.. ولابد أن نفتش عنها بداخلنا كلما أخذتنا الحياة إلى الصراع»..!
فاتن لم تتغير.. ولكنها ترى أن الفن والحياة يتغيران.. أحياناً نحو الأفضل.. وغالباً نحو الانحسار والتدهور.. لذا كان الجزء الثانى من حوارنا معها حول الفن والحياة.. الفن الذى منحته حياتها.. والحياة التى تعيشها، وتدافع عن حقنا جميعاً فى الاستمتاع بها!
ولأنها غائبة منذ سنوات طويلة.. والطلة الجميلة يفتقدها الجميع.
■ سألتها: الناس اشتاقت لك على الشاشة.. فهل ثمة تفكير فى العودة؟
- بحنين جارف قالت: والله.. أنا اشتقت لهم أكثر.. وهناك الكثير من الروايات تستهوينى.. لكن الأهم هو العثور على دور يليق بى وبإحساسى وبسنى.
■ هل عرضت عليك أعمال درامية خلال الفترة الأخيرة؟
- أتلقى عروضاً كثيرة لتقديم أعمال فى السينما والتليفزيون، لكن مشكلة التليفزيون الآن أنهم يعرضون صفحتين من موضوع المسلسل «معالجة للفكرة»، وأنا لا أستطيع تقييم موضوع المسلسل بهذا الأسلوب، أنا أحب قراءة العمل كله لاتخاذ قرار بشأنه.
■ هل وقع اختيارك على مسلسل «ضمير أبلة حكمت» بنفس الطريقة؟
- هذا المسلسل كانت له ظروف خاصة، كانت لدى فكرة أننى أريد تقديم عمل تليفزيونى مع الكاتب الرائع أسامة أنور عكاشة، والمفارقة أننى أبلغت المخرجة إنعام محمد على، برغبتى فى تقديم عمل عن التعليم، فقالت لى إن «أسامة» يريد كتابة مسلسل عن الموضوع نفسه، وهكذا التقت رغباتنا جميعاً.
■ لو فكرت فاتن حمامة فى العمل مع المؤلفين الجدد فمن تختار؟
- لا أستطيع الحكم على المؤلفين الجدد لأننى لم أعمل معهم، وهناك بعض الشبان الذين يمتلكون مستوى عالياً فى اللغة الدرامية والسينمائية، ولكننى أعرف أكثر من كانوا فى وقتى.
■ وما رأيك فى الدراما الآن؟
- حدثت قفزة معقولة.. صحيح أن الكل يتحدث عن الفن زمان، لكن توجد الآن أفلام قوية وسريعة ونجوم ممتازون، أحياناً هناك أشياء غير جيدة «تفلت»، وأنا أشاهد الأفلام فى التليفزيون فقط.
■ فى الفن.. ثمة علاقة وثيقة بين الواقع والسينما.. كيف ترينها الآن مقارنة بالماضى؟
- ارتباط السينما بالواقع يصعد ويهبط حسب الأجواء والمناخ العام فى البلد.. ولكن للفنان دوراً مهماً فى تحديد مستوى هذه العلاقة.. فمثلاً كان المخرج الكبير بركات شديد الشاعرية فى تعامله مع الواقع، كان يرفض تصوير القذارة فى القرى، وكان يصور الأشجار، ويقول إن الواقعية ليست أن تشعر الناس بالقرف، الآن، صورتنا فى البلاد العربية سيئة «قوى» بسبب بعض ما يعرض فى التليفزيون والسينما.. ولابد أن نعرف أن صلاح أبوسيف مثلاً، كان واقعياً على الأرض لكن دون «قرف».
«بركات» كان لديه إحساس.. وكان بيننا تفاهم كبير.. كنا نذهب للبلاتوه «فرحانين»، مثلاً فى أفلام مثل «الحرام» و«دعاء الكروان» كانت هناك شاعرية غير طبيعية، رغم أن القصة نفسها كانت مأساوية.
■ كيف كانت تجربتك مع المخرج «خيرى بشارة» فى فيلم «يوم مر ويوم حلو»؟
- كانت تجربة متميزة.. وكان هناك تفاهم بينى وبين «خيرى»، فى البداية اختلفنا، لأنه كان يأتى ويعرض على المشاهد ومعه فريق العمل كله، وكلما اختلفت أنا وهو أو اقترح أحدنا شيئاً، كانوا يؤيدون رأيه، ويعارضون كلامى قبل أن أبدأ فى الحديث، فقلت لهم فى المرات المقبلة، سأحضر كل عائلتى معى، بعد ذلك أصبحت جلسات العمل أفضل.
■ لو عرض عليك سيناريو أعجبك.. هل توافقين على تنفيذه مع مخرج شاب؟
- لو كان المخرج جيداً وشاهدت له أعمالاً متميزة سأوافق، ولكننى لا أستطيع المجازفة بتقديم عمل مع مخرج لا أعرفه.
■ ومَن مِن المخرجين الجدد الذى يعجبك عمله؟
- شريف عرفة أفلامه تقول «شىء»، ولغة السينما عنده عالية ومروان حامد لديه إحساس، وشغله فى فيلم «عمارة يعقوبيان» من أجمل ما يكون.
■ ومن يعجبك من ممثلى السينما الآن؟
- لم أشاهد الجميع، لكن الكثيرين منهم جيدون ومنهم أحمد حلمى وأحمد السقا ومحمد هنيدى وآخرون من الجيل نفسه.
■ من كان يضحك فاتن حمامة فى السينما زمان؟
- أحب إسماعيل يس جداً، وكذلك محمود شكوكو، والاثنان كانا على خلق.
■ والنقد السينمائى؟
- لا أتابع النقد السينمائى الآن، زمان كان هناك كُتاب أعرفهم، ولايزال بعضهم باقياً حتى الآن.
■ وهل تغيرت مساحات الحرية فى السينما عن الماضى؟
- الحرية زادت الآن، ولم تعد قبضة الرقابة حديدية، لكن هذه الحرية أصبحت تعنى لدى البعض الخروج عن الأصول بعض الشىء.
■ ألم تجدى صعوبة فى تقديم شخصية الفتاة الملتزمة فى ظل وجود نجمات الإغراء؟
- لا أعتقد أنه كان هناك إغراء زمان، الفن كان تعبيراً عن الواقع، والحياة زمان كانت الممنوعات فيها أكثر من الآن، لذلك كان البعض يعتبر ما يقدم فى السينما إغراء، أما الآن، فالشباب أصبح «مودرن»، يخرج ويصاحب، البنت المصرية تغيرت كثيراً، زمان كانت مغلوبة على أمرها، كان يقال لها دائماً «عيب»، لكن حدث تطور كبير وبدأت فى الخروج إلى التعليم والحياة، وخروجها للعمل والحياة اضطرها أن تصبح قوية، زمان كان سير فتاة بجوار شاب فى الشارع «مصيبة»، الآن كل شىء تغير وتطور.
■ كيف حصلت فاتن حمامة على لقب سيدة الشاشة العربية.. وكيف ترين هذا اللقب؟
- لم أضعه.. ولا أعرف متى ظهر بالضبط.. لكننى وجدت الناس تردده، ولم يحدث أن وضعته على تترات أفلامى، وأذكر أن الكاتب الصحفى الكبير فوميل لبيب، هو الذى أطلق علىّ هذا اللقب.
■ هل حدث أن اختلفت فاتن حمامة على موقع اسمها على تترات فيلم؟
- لا.. لم يحدث أبداً.
■ كم كان أجرك فى أول أفلامك «يوم سعيد»؟
- ١٠ جنيهات مع لعب كثيرة جداً، كان أهم شىء عندى اللعب، لأننى كنت الطفلة الوحيدة فى البلاتوه، وكنت «مدلعة» جداً.
■ من الممثل الذى شعرت بسعادة وأنت تمثلين أمامه؟
- حسب الدور.. فى «دعاء الكروان» كان «أحمد مظهر» رائعاً، وقدمت أعمالاً جيدة جداً مع عماد حمدى، وكنت أتحدث مع «بركات» كثيراً وأشاركه فى اختيار الممثلين، وكانوا أحياناً يقولون إن فاتن رفضت هذا الممثل أو ذاك، ولكننى كنت أرفض الممثل الذى لا يصلح للدور، ولو كنت لا أحب ممثلاً بعينه ووجدته يصلح للدور كنت أشاركه العمل دون تردد.
■ فيلم «الحرام» من أبرز أفلامك المأخوذة عن الأدب.. ما ذكرياتك عنه؟
- رواية يوسف إدريس كانت رائعة.. صورنا الفيلم فى الفيوم مع الفلاحين، وكنا نجلس على «القش» ووسط الحقول، كان الممثل يدخل فى الشخصية فور ارتداء ملابس الدور، وكان كاتب السيناريو الرائع سعد الدين وهبة يحضر التصوير معنا دائماً، لأنه كان بارعاً فى اختيار الكلمات، كان أحياناً يضع كلمة فى حوار تحمل معانى ١٠ أسطر كاملة، وأذكر أننا أثناء التصوير كنت أقفز فى أحد المشاهد على سيارة «عمال التراحيل ــ لورى»، ومن المفترض أن «عزيزة» بطلة الرواية التى أجسد دورها حامل، فسألت إحدى عاملات التراحيل كيف كانت ستتصرف لو كانت حاملاً، فقالت لى بعفوية «اتركيها على الله»، ولم تعطنى رداً وافياً.
■ وفيلم «دعاء الكروان»؟
- جلست مع «بركات» كثيراً وكنت خائفة وحائرة، لم أكن أعرف كيف سيحول بركات نص طه حسين الأدبى الملىء بالوصف إلى سيناريو سينمائى، لكن الكاتب يوسف جوهر وبركات نجحا فى كتابة سيناريو رائع.
■ و«صراع فى الوادى»؟
- كان عندى وقتها ٢١ سنة، وكان البلاتوه لعب على تصوير.. كنا صغيرين.. وبس..!
■ كيف كان دور يوسف وهبى فى حياتك الفنية؟
- يوسف وهبى أعطانى دوراً مهماً فى الأربعينيات، كان خطوة مهمة فى حياتى الفنية، كان ذلك فى فيلم «ملاك الرحمة»، دور بطولة مع راقية إبراهيم، وبعدها انطلقت فى عالم السينما.
■ ما موقف والدك وعائلتك تجاه عملك فى الفن؟
- كنت طفلة لا تفهم شيئاً.. والدى هو الذى وافق على عملى فى السينما.. جدى غضب بشدة، ووقعت «خناقة كبيرة» فى المنزل بسبب فيلم «يوم سعيد».. ولم أعرف بها، لأننى كنت صغيرة، وعرفتها بعد سنوات طويلة من ذلك.
■ ما الأزمات التى مررت بها فى حياتك الفنية والشخصية؟
- على المستوى الشخصى هذه الأزمات، خاصة بى، لكن فى الفن كان كله سهل فى البداية، وعندما كبرت أصبح لى رأيى الشخصى، وكانت تحدث حالات من شد الأعصاب أحياناً.. وفى مرات كنت أصور ٣ أفلام فى وقت واحد، وفى إحداها انهرت من التعب.
■ ولمن تستمع فاتن حمامة من المطربين؟
- عبدالوهاب وعبدالحليم وأم كلثوم.. وعندما كانت أم كلثوم تغنى كانت تفرض وجودها على الجميع.. الكل يصمت ولا يتكلم.
■ ومن الذى يطربك الآن؟
- شيرين هى التى تطربنى حالياً، وأنغام صوتها لطيف ورقيق وهى أيضاً شخصية قوية.
■ وما رأيك فى عمرو دياب؟
- عمرو عندما يغنى يصنع حالة جميلة.. وشكله لطيف وكلامه مهذب.
■ والمطربون العرب؟
- تعجبنى فيروز طبعاً وماجدة الرومى.
■ كيف تسير حياتك الآن؟
- مستقرة والحمد لله.
■ كيف تقضين يومك؟
- نصف اليوم يمر فى قراءة الصحف.. أنا أستيقظ فى السابعة صباحاً وأقرأ الصحف حتى الثانية عشرة ظهراً، وبعد ذلك نبدأ حياتنا.. من يذهب للعمل يفعل ذلك، أما أنا فأذهب لرؤية أصدقائى وأبنائى وأحفادى.. وفى المساء أوزع وقتى بين مشاهدة التليفزيون والقراءة.
■ ما أحدث كتاب قرأته فاتن حمامة؟
- رواية «يوم غائم فى البر الغربى» للروائى محمد المنسى قنديل.
■ ما أحلامك؟
- أحلم بأن تنتهى مشاكل الفقر، وأن يسترد العرب حقوقهم الضائعة وتنتهى الحروب مع إسرائيل، وأخيراً أن نجد حلاً لأزمة المياه.. فنحن أهملنا أفريقيا كثيراً.
■ وما همومك؟
- ما نحن فيه الآن هو هم كل مصر.
■ وما الحل؟
- لا أرى حلاً.
■ بماذا تدعو فاتن حمامة الله عز وجل؟
- بقول يارب يروق الحال لمصر، وأن يخرج البلد مما هو فيه.
■ هل وصلت لحالة التصالح مع النفس؟
- نعم.. منذ ١٠ سنوات.. وصلت لحالة من الهدوء والسلام.. ولا أريد أن يضايقنى شىء.
■ ما علاقتك بأبنائك؟
- توصلنا إلى إقامة علاقة ديمقراطية.. وأحفادى ينادوننى «فاتن».
■ هل مازالت علاقتك مستمرة بزملائك الفنانين؟
- أنا حالياً بعيدة عنهم، لكن كلهم معارفى، وهناك ذكريات حلوة تجمعنا، وأشتاق لشادية، التى لم أرها منذ سنوات، رغم أننا كنا أصدقاء وكنا نتسابق فى البلاتوه، لكنها بعد الاعتزال اختفت.
■ وما رأيك فى الاعتزال والحجاب؟
- كل إنسان يفعل ما يريد، ولا يحق لأحد أن يفرض رأيه على غيره، هذه حرية شخصية.
■ ما الذى يغضبك؟
- أى شىء حصل أمس انتهى، ولا أفكر فيه، ولست غاضبة من أحد.
■ ما رأيك فى نقابة الممثلين حالياً؟
- منتهى الاحترام.
■ أكثر فيلم تحبينه؟
- «إمبراطورية ميم» و«أفواه وأرانب».
■ ما ذكرياتك عن إمبراطورية ميم؟
- كنا نقضى وقتاً لطيفاً، البلاتوه كان كله أطفال، وكان هناك طفل صغير هو أصغر أولادى فى الفيلم كنا نشجعه إذا نطق أى حرف، فكان هشام سليم يضربه لأننا نشجعه.
■ من أقرب فنانة لشخصيتك الفنية حالياً؟
- منى زكى لأنها مليئة بالإحساس وهذا يصل للمتفرج.
■ ما رأيك فى هؤلاء: يوسف إدريس؟
- عظيم.
■ ونجيب محفوظ؟
- العالم كله اعترف به.
■ والعقاد؟
- لم أفهمه، لأننى كنت صغيرة.
■ وفريد شوقى؟
- الملك، الذى كان يخيف الناس، إنسان طيب جداً، لو قلت له «بخ.. يقع».
■ وأحمد مظهر؟
- فارس
■ ومديحة يسرى؟
- سيدة طيبة وعلى خلق كبير.
■ وماجدة؟
- طيبة لم تخطئ أبداً فى حق أحد.
■ ونادية لطفى؟
- حبوبة و«شهمة».
■ وسعاد حسنى؟
- إنسانة حساسة، وهذا كان واضحاً فى أعمالها.. لم أعرفها، وشاهدتها مرة واحدة عندما كانت تؤدى أول أدوارها السينمائية.
■ وعماد حمدى؟
- إنسان إنسان إنسان.
■ وبركات؟
-فنان حقيقى.
■ ويوسف شاهين؟
- هو يوسف شاهين.
■ وعمر الشريف؟
- ممثل جيد جداً.
■ وهيكل؟
- أعرفه جيداً، هو قوى الشخصية جداً.