أأفلام موسم عيد الأضحى، ترصد أكثر من ظاهرة مهمة فى مسيرة السنوات الأخيرة فى عالم السينما.. أولها: أن الجمهور بدأ يهجر أفلام المقاولات والفكر المتدنى بعد سلسلة من هذه النوعية كانت هى الرابحة فى السباق، بل كانت الرهان الأساسى الذى يفلت بالموسم ويضمن للمنتج المرور إلى ثراء مضمون.. الأمر الثانى هو وعى المخرجين نحو صنع أفلام خارجة من جذور الهموم المصرية بعيداً عن الأفكار المستوردة التى أطاحت بالسينما المصرية سنوات، وأخرجتها من بيئتها فأصبحنا نشاهد أفلاماً كأنها مدبلجة لا تعبر عنا ولا ترصد آلام المصريين وأحلامهم.. أما نجاح مثل هذه الأفلام فهو دليل ثابت على أن أذواق الجماهير قد ارتفعت كثيراً عن ذى قبل، وأصبحت مع كثرة المعروض فى السينما والدراما التليفزيونية، تدرك الاختيار الحقيقى بين الناضج والغث.. اليوم أختار من بين أفلام العيد فيلمين لنناقشهما بالتحليل والنقد فى محاولة لقراءة خريطة الموسم السينمائى.. والفيلمان هما: «زهايمر» لعادل إمام و«بلبل» لأحمد حلمى.. فيلم «زهايمر» نموذج للأفلام التى تسعى لترسيخ أكثر من مفهوم عند الجمهور، فهو عودة للأفلام المهمة بعد مجموعة من الأعمال التى هبطت بعادل إمام، ومنها ما جنح إلى مجرد التسلية بل اتهم أكثر من فيلم بالعرى والمشهيات.. زهايمر يعتمد على المزج بين المرض الشهير الذى أصبح حديث العالم، وبين حالة الغياب الفكرى الذى يسود المجتمع، ويستخلص من خلاله نتيجة واحدة هى أننا بحاجة إلى وقفة مع النفس لنعيد ترتيب أنفسنا بعد أن تبعثرت المشاعر وتغيرت ملامح الأسرة المصرية وسادت الفوضى فى سلوكياتنا.. أحداث الفيلم تبدأ صادمة حيث يزور عادل إمام صديق عمره الفنان سعيد صالح الذى يجسد شخصية مريض الزهايمر ويعيش فى دار للمسنين وحيداً معزولاً عن العالم.. فإذا رأى صديقه فلا يعرفه ولا يتذكر أيا من ذكريات السنوات، برغم أن عادل إمام يحاول أن يعيد له شريط تسجيل عمر طويل ومغامرات كثيرة وأسفار هنا وهناك.. وكل ذلك يصبح نسياً منسياً، فلا يصل إلا إلى حائط سد.. حالة من التشتت والغياب عن العالم وكأن كل شىء قد تم تدميره وصار يعيش فى كوكب آخر، يخرج عادل إمام من عنده وهو فى حالة حزن تكتمل بلقاء مديرة الدار إسعاد يونس فى قمة قسوتها وخلوها من الرحمة.. الفيلم يستعرض هذه اللوحات وكأنها مرسومة من عناء شخصيات تطلب الرحمة ولو بالموت.. فلا وصول ولا هدف ولا رضا ولا شفاء أيضاً.. الإحساس بالكآبة يسيطر على الساحة، ويحاول عادل إمام أن يكون هو العنصر الإيجابى فى الفيلم وفى المقابلة نجد كل من يتعاملون معه سلبيين يرفضون معاونته ويسعون فقط إلى تجريده من الأموال باعتباره صار مثل خيل الحكومة.. حتى يصل به الأمر أن يهرب من أسرته ومن أبنائه فتحى عبدالوهاب وأحمد رزق والممرضة نيللى كريم.
وفى إحدى المرات تفلح محاولة هروبه ويجد نفسه فى الشارع غريباً بلا مأوى، ولكن هذه الغربة وهذا التشرد أفضل من بيت مثل السجن.. لقد أدرك مؤخراً أن أزمة هذا المرض نتجت عن جحود أبنائه بعد أن أقاما ضده قضية حجر عليه ليتمكنا من السيطرة على الڤيلا والثروة الضخمة الخاصة به.. لأنهما أصبحا مهددين بدخول السجن لتراكم ديونهما.. وتستمر الأحداث لتلقى الضوء على أزمة عالم جديد.. هذا الفيلم أعتبره نقلة يعود بها عادل إمام ليؤكد أنه لايزال الزعيم فى عالم الفن شكلاً وموضوعاً، فقد وصل إلى قمة أدائه فى تشخيص دور مركب، تمكن من كتابته بحرفية الأديب الشاب نادر صلاح الدين، وقد عكف على كتابته منذ عامين وظل يجدد ويطور حتى وصل إلى شكل مصرى مقنع.. واستمد المادة العلمية من مفهوم صحيح لا يقع فى خطأ ولا يقبل أن يوصف أى مشهد بأنه خارج إطار البحث.. وقد التزم نادر صلاح الدين فى هذا الفيلم بتفاصيل مرض ألزهايمر بتفصيلاته كاملة وصحيحة فلم يجعل للخيال أساساً فى الموضوع أو لم يتشتت إلى حوار من صنعه بعيداً عن التفسير الطبى.. وبرغم هذا الالتزام الدقيق.. لم يترك عمله ثقيلاً على الجمهور فقد دعمه بخفة ظل فى الحوار أظهرها عادل إمام بتلقائية.. حتى المشاهد المركبة كانت مؤثرة، ولكنه استخرج منها حواراً شيقا يكشف عن عمق المأساة ولكن بسخرية مصرية لاذعة.. ميزة أخرى فى النص أنه قدم الشخصيات برؤية واقعية فلم يعاظم شخصاً على حساب الشخصية الأخرى، والتزم الدقة فى تفسير مناطق الصراع فى الأسرة المصرية.. فالابن العاق وصل إلى حالة الجحود نتيجة شره المال وحب الامتلاك ونتيجة غرور زوجته الشرسة التى لا ترى فى هذا العالم سوى الذهب.. فقد عبدت الذهب وتركت العالم كله، إلى الخلف.. لا تساعد أحداً بل هى تسعى لتدمير الآخر.. أما الابن الآخر أحمد رزق فلا يقل فى نكران الجميل، هو شخصية مرتبكة متردد لا يعرف القناعة ولا الصدق مع أبيه وحتى مع أخيه.. كل ما يهمه هو إرضاء نزواته وهو النموذج الشكسبيرى الذى وصل إلى قمة الثراء ليجد نفسه فى النهاية إلى الضياع.. وشخصية المريض نفسياً جسدها أكثر من ممثل فى أكثر من فيلم أو مسلسل مثل الشارد، ولكنها أقل من إبداع عادل إمام لأكثر من سبب، أولها أن عادل تقمص عمق الدور، وحارب من أجل تقديم شكل جديد عن السائد.. خاصة أن قليلين جسدوا الدور فى مصر بينما عرفناه فى السينما العالمية مؤخراً فى أفلام «براءة كيركار» للمخرج براند تشيلى و«القمر يكتمل» للمخرج أدولف رالى، و«البراءة» للمخرج أون كوراى.. ولكن من بين هذه كلها يتميز فيلم عادل إمام بمصرية التشخيص، إنه لا يشير إلى مرض ألزهايمر كحالة خاصة لمرض خاص، بل يشير إلى زهايمر أسرة هى ترمز إلى ضياع الترابط الأسرى العائلى البسيط، المخرج عمرو عرفة قدم أفضل أعماله فى «زهايمر» وكان بارعاً فى كل حنايا السيناريو المركب.. الفنانة رانيا يوسف أكدت نجوميتها فى دور الزوجة المتسلطة، وظهر فتحى عبدالوهاب وأحمد رزق فى كامل لياقتهما الفنية.
وفى إحدى المرات تفلح محاولة هروبه ويجد نفسه فى الشارع غريباً بلا مأوى، ولكن هذه الغربة وهذا التشرد أفضل من بيت مثل السجن.. لقد أدرك مؤخراً أن أزمة هذا المرض نتجت عن جحود أبنائه بعد أن أقاما ضده قضية حجر عليه ليتمكنا من السيطرة على الڤيلا والثروة الضخمة الخاصة به.. لأنهما أصبحا مهددين بدخول السجن لتراكم ديونهما.. وتستمر الأحداث لتلقى الضوء على أزمة عالم جديد.. هذا الفيلم أعتبره نقلة يعود بها عادل إمام ليؤكد أنه لايزال الزعيم فى عالم الفن شكلاً وموضوعاً، فقد وصل إلى قمة أدائه فى تشخيص دور مركب، تمكن من كتابته بحرفية الأديب الشاب نادر صلاح الدين، وقد عكف على كتابته منذ عامين وظل يجدد ويطور حتى وصل إلى شكل مصرى مقنع.. واستمد المادة العلمية من مفهوم صحيح لا يقع فى خطأ ولا يقبل أن يوصف أى مشهد بأنه خارج إطار البحث.. وقد التزم نادر صلاح الدين فى هذا الفيلم بتفاصيل مرض ألزهايمر بتفصيلاته كاملة وصحيحة فلم يجعل للخيال أساساً فى الموضوع أو لم يتشتت إلى حوار من صنعه بعيداً عن التفسير الطبى.. وبرغم هذا الالتزام الدقيق.. لم يترك عمله ثقيلاً على الجمهور فقد دعمه بخفة ظل فى الحوار أظهرها عادل إمام بتلقائية.. حتى المشاهد المركبة كانت مؤثرة، ولكنه استخرج منها حواراً شيقا يكشف عن عمق المأساة ولكن بسخرية مصرية لاذعة.. ميزة أخرى فى النص أنه قدم الشخصيات برؤية واقعية فلم يعاظم شخصاً على حساب الشخصية الأخرى، والتزم الدقة فى تفسير مناطق الصراع فى الأسرة المصرية.. فالابن العاق وصل إلى حالة الجحود نتيجة شره المال وحب الامتلاك ونتيجة غرور زوجته الشرسة التى لا ترى فى هذا العالم سوى الذهب.. فقد عبدت الذهب وتركت العالم كله، إلى الخلف.. لا تساعد أحداً بل هى تسعى لتدمير الآخر.. أما الابن الآخر أحمد رزق فلا يقل فى نكران الجميل، هو شخصية مرتبكة متردد لا يعرف القناعة ولا الصدق مع أبيه وحتى مع أخيه.. كل ما يهمه هو إرضاء نزواته وهو النموذج الشكسبيرى الذى وصل إلى قمة الثراء ليجد نفسه فى النهاية إلى الضياع.. وشخصية المريض نفسياً جسدها أكثر من ممثل فى أكثر من فيلم أو مسلسل مثل الشارد، ولكنها أقل من إبداع عادل إمام لأكثر من سبب، أولها أن عادل تقمص عمق الدور، وحارب من أجل تقديم شكل جديد عن السائد.. خاصة أن قليلين جسدوا الدور فى مصر بينما عرفناه فى السينما العالمية مؤخراً فى أفلام «براءة كيركار» للمخرج براند تشيلى و«القمر يكتمل» للمخرج أدولف رالى، و«البراءة» للمخرج أون كوراى.. ولكن من بين هذه كلها يتميز فيلم عادل إمام بمصرية التشخيص، إنه لا يشير إلى مرض ألزهايمر كحالة خاصة لمرض خاص، بل يشير إلى زهايمر أسرة هى ترمز إلى ضياع الترابط الأسرى العائلى البسيط، المخرج عمرو عرفة قدم أفضل أعماله فى «زهايمر» وكان بارعاً فى كل حنايا السيناريو المركب.. الفنانة رانيا يوسف أكدت نجوميتها فى دور الزوجة المتسلطة، وظهر فتحى عبدالوهاب وأحمد رزق فى كامل لياقتهما الفنية.